سجلت الأسهم الأوروبية انتعاشاً ملحوظاً في تعاملات اليوم الاثنين، مدفوعة بإقبال المستثمرين على المخاطرة بعد قرار الولايات المتحدة بإعفاء الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر المستوردة من الصين من الرسوم الجمركية الإضافية.
في خطوة خففت من حدة التوترات التجارية التي أرهقت الأسواق العالمية خلال الأسابيع الماضية.
وأغلق مؤشر “ستوكس 600” الأوروبي على ارتفاع قوي بنسبة 2.7%، ليعوض بعض خسائره الأخيرة بعد تراجعه لثلاثة أسابيع متتالية، حيث سجلت أكثر من 96% من الشركات المدرجة عليه مكاسب واضحة.
ارتفاع جماعي في مؤشرات أوروبا الرئيسية
شهدت جميع المؤشرات الرئيسية في القارة الأوروبية ارتفاعاً جماعياً، إذ صعد المؤشر الألماني “داكس”، والذي يُعتبر أكثر تأثراً بالأنشطة التجارية، بنسبة 2.9%، في حين حققت مؤشرات بورصات فرنسا، إسبانيا، وبريطانيا مكاسب تجاوزت 2%.
وجاء هذا الأداء الإيجابي بعد أن تراجعت الأسواق بشكل لافت خلال الأسابيع الماضية، نتيجة التصعيد التجاري المتواصل بين الولايات المتحدة والصين، والذي دفع بالمؤشر الأوروبي القياسي للانخفاض بنحو 11% مقارنة بأعلى مستوى إغلاق له على الإطلاق.
قطاع البنوك وشركات الرقائق يقودان الصعود
قاد القطاع المالي موجة الارتفاع، حيث ارتفع المؤشر الفرعي للبنوك الأوروبية بنسبة 3.9%، مدعوماً بمكاسب قوية لأسهم دويتشه بنك الألماني، وستاندرد تشارترد البريطاني، ومونتي دي باشي دي سيينا الإيطالي.
كما ساهمت أسهم شركات صناعة الرقائق الإلكترونية في دعم الأسواق، بعدما قفزت بنسب تراوحت بين 2.2% و3.4%. وشملت المكاسب كبرى الشركات مثل “إنفينيون”، “إيه.إس.إم.إل”، و”بي.إي سيميكونداكتور”، في أعقاب قرار واشنطن إعفاء هذه المنتجات من الرسوم.
ترامب يلوّح برسوم جديدة على أشباه الموصلات
على الرغم من قرار الإعفاء، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن الأسبوع المقبل سيشهد إعلان رسوم جمركية جديدة على أشباه الموصلات، مضيفاً أن القرار بشأن الهواتف الذكية سيتم اتخاذه قريباً، وهو ما أثار بعض الحذر في الأسواق بشأن استدامة هذا الهدوء.
وبحسب تصريحات داريل كرونك، رئيس معهد “ويلز فارجو” للاستثمار لوكالة رويترز للأنباء، فإن الأسواق تبحث عن نوع من “الاستقرار المالي”، مشيراً إلى أن المشكلة الحالية تكمن في تضارب أولويات الإدارة الأمريكية بين الطموحات الجيوسياسية والنتائج الاقتصادية.
مؤشرات مستقبلية متباينة
على الرغم من مكاسب اليوم، لا يزال مؤشر “ستوكس 600” بعيداً بنحو 7% عن مستوياته المسجلة قبل إعلان الرسوم الأمريكية في الثاني من أبريل الماضي.
وفي هذا السياق، خفّض بنك “غولدمان ساكس” توقعاته لمستوى المؤشر خلال الـ12 شهراً المقبلة من 570 نقطة إلى 520 نقطة، وهو ثاني تخفيض يصدر عن البنك خلال الشهر الجاري، في مؤشر على استمرار المخاوف من تداعيات الحرب التجارية الممتدة.
شركات أدوية وبنوك ضمن الرابحين
سجل سهم شركة الأدوية الدنماركية “نوفو نورديسك” ارتفاعاً بنسبة 3.7%، بعد إعلان شركة “فايزر” الأمريكية وقف تطوير عقار “دانوجليبرون” التجريبي لإنقاص الوزن.
كما قفز سهم “بي.إن.بي باريبا” الفرنسي بنسبة 4.4%، عقب خفض البنك لتوقعاته بشأن العائد على رأس المال في صفقة استحواذه على ذراع إدارة الأصول لشركة “أكسا” بقيمة 5.8 مليار دولار.
اقرأ أيضًا.. قلق عالمي من ارتفاع سعر الذهب .. وترامب يعرض الاقتصاد الأمريكي للخطر
إعفاءات جمركية تخفف العبء على المستهلك الأمريكي
وفي خطوة لاحتواء تكاليف المستهلكين، نشرت السلطات الأمريكية في وقت متأخر من يوم الجمعة إعفاءات جمركية شملت الهواتف الذكية والحواسيب ومكونات إلكترونية أخرى مستوردة من الصين، كانت تخضع لتعرفة إضافية بنسبة 145%.
تأتي هذه التطورات في وقت حساس، حيث يتطلع المستثمرون والمراقبون إلى ما إذا كانت هذه الاستثناءات تمهّد لانفراج حقيقي في الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم، أم أنها مجرد هدنة مؤقتة في صراع طويل الأمد.